الجزائر وحيدة داخل مجلس الأمن: لا دعم للطرح الانفصالي قبيل مناقشة ملف الصحراء
تدخل الجزائر الأشهر الثمانية الأخيرة من ولايتها كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي، وهي ولاية انطلقت في يناير 2024 وتستمر حتى نهاية غشت 2025. ومنذ بدايتها، كانت الجزائر قد أعلنت نيتها جعل ملف الصحراء ضمن أولوياتها داخل المجلس، أملاً في حشد الدعم لصالح الجبهة الانفصالية. غير أن الواقع، بعد مرور أكثر من ثلثي المدة، يكشف فشلاً ذريعاً في تحقيق هذا الهدف.
ومع اقتراب موعد الجلسة المرتقبة لمجلس الأمن حول قضية الصحراء، المقررة يوم 14 أبريل الجاري، تجد الجزائر نفسها في عزلة غير مسبوقة، وسط تحولات واضحة في مواقف العديد من الدول، حتى داخل القارة الإفريقية، التي ظلت تشكل تقليدياً مجال نفوذ للدبلوماسية الجزائرية.
غياب الدعم الإفريقي
يحضر الاجتماع المنتظر الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، وهو الذي عاش لحظة حرجة خلال جلسة أكتوبر 2024 حين اضطر للانسحاب بعد فشل ذريع في تمرير تعديلين اقترحتهما الجزائر، ما أدى إلى رفضهما حتى قبل المناقشة.
حالياً، يضم مجلس الأمن 15 عضواً، بين دائمين وغير دائمين، لا يُظهر أي منهم ميلاً لدعم الطرح الانفصالي. ففي القارة الإفريقية، يمثل كل من سيراليون والصومال منطقتين تساندان صراحة السيادة المغربية. فسيراليون افتتحت قنصلية بالداخلة سنة 2021، بينما عبّرت الصومال عن نيتها القيام بالخطوة نفسها منذ 2022، ولم تتراجع عن موقفها الداعم للمغرب.
توسع دائرة دعم الحكم الذاتي
عدد من الدول غير الدائمة العضوية أظهرت تغيراً واضحاً في مواقفها التقليدية تجاه النزاع. بنما، التي كانت من أبرز داعمي "البوليساريو" منذ ثمانينات القرن الماضي، أعلنت في نونبر 2024 عن دعمها للمقترح المغربي. أما غانا، فقد سحبت اعترافها بما يسمى "الجمهورية الصحراوية" منذ 2020.
كذلك، عبّرت باكستان عن دعمها للمسار الأممي بشأن القضية، وهو موقف أكدته سنة 2021، بينما تلتزم كوريا الجنوبية الحياد مع انفتاح اقتصادي متزايد على المغرب.
من أوروبا، برزت الدانمارك بموقفها المؤيد لمخطط الحكم الذاتي، واعتبرته أساساً لحل متوافق عليه في شتنبر 2024، وهو الموقف ذاته الذي عبرت عنه سلوفينيا في يونيو، واليونان منذ يناير 2020.
الدول الكبرى... الحسم لصالح المغرب
أما الدول دائمة العضوية، فتبدو مواقفها أكثر وضوحاً تجاه دعم المغرب:
الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى لسان وزير خارجيتها ماركو روبيو، جددت تأكيدها على الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، كما أبلغت مسؤولة الشؤون السياسية في الخارجية الأمريكية، ليزا كنا، المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو "الخيار الوحيد" للحل.
فرنسا بدورها ثبتت اعترافها الرسمي بسيادة المغرب على الصحراء منذ يوليوز 2024، رغم محاولات التهدئة بين باريس والجزائر.
الصين تلتزم بمبدأ رفض الانفصال في جميع أنحاء العالم بسبب حساسياتها الداخلية، بينما تحافظ روسيا على حيادها، متجنبة التصويت في الملفات المرتبطة بالنزاع.
الموقف الجديد الذي يربك الجزائر هو احتمال تغير الموقف البريطاني، بعد إعلان وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، عن مشاورات جارية مع الرباط في أفق مراجعة لندن لموقفها الرسمي من الملف.
خلاصة المشهد
أمام هذه التوازنات الجديدة داخل مجلس الأمن، تجد الجزائر نفسها معزولة تماماً، دون أي سند فعلي لطرحها الانفصالي. ومع صعود مواقف داعمة للمقترح المغربي من مختلف القارات، يبدو أن رهان الجزائر على استخدام عضويتها المؤقتة داخل المجلس للضغط في اتجاه دعم "البوليساريو"، انتهى إلى إخفاق دبلوماسي واضح.